الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ونرحب بك ونسأل الله لنا ولكم الثبات والتوفيق
أما الجواب على سؤالك
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مامن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء ) رواه مسلم. وروى الإمام الترمذي بسند حسن عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) حسنه الشيخ الألباني رحمه الله.
ومن أقول العلماء رحمهم الله في مسألة هل هذا يخص الحاج في عرفة أم أنه عام في غير الحاج فهناك قولان:
القول الأول: قالت طائة من الفقهاء المراد بهذا الفضل في الدعاء هو خاص بالحاج. قال الإمام الباجي رحمه الله كما جاء في المنتقى شرح الموطأ ما نصه " أفضل الدعاء يوم عرفة يعني أن أكثر الذكر بركة وأعظمه ثواباً وأقربه إجابة ويحتمل يراد به الحاج خاصة" وعلى هذا الكثير من العلماء.
القول الثاني: قالوا أن هذا التفضيل يشمل غير الحاج. جاء في كتاب المغني للإمام الموفق ابن قدامة رحمه الله ما نصه "قال القاضي عياض رحمه الله: ولا بأس بالتعريف عشية عرفة بالأمصار" وهذا له دلالة على أنهم يرون أن فضل الدعاء في يوم عرفة ليس خاصاً بالحجاج فحسب.
مسألة المكث في المسجد للدعاء عشية عرفة
أما مسألة تخصيص غير الحاج المكث في المسجد للدعاء عشية عرفة لمراد ما ورد في التفضيل فهذا جرى فيه الخلاف عند الفقهاء رحمهم الله على قولين:
القول الأول: الجواز فقد أجازه الإمام أحمد رحمه الله كما في المغني قال الأثرم : سألت أبا عبد الله عن التعريف في الأمصار ويجتمعون في المساجد يوم عرفة قال: أرجو أن لا يكون به بأس فقد فعله غير واحد. وقال محمد بن الواسع رحمه الله : كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة. قال أحمد: لا بأس به إنما هو دعاء وذكر الله فقيل له تفعله أنت قال أما أنا فلا.
القول الثاني: أنه غير جائز وأعدوه من المحدثات كتخصيص المكث والاجتماع في المسجد يوم عرفة دون من هو معتاد المكث فقد قال ابن وهب رحمه الله سألت مالكاً عن الجلوس يوم عرفة يجلس أهل البلد في مسجدهم ويدعو الإمام رجالا يدعونه الله تعالى للناس إلى غروب الشمس قال : ما نعرف هذا وإن الناس عندنا اليوم ليفعلونه . وقد سئل الإمام مالك رحمه الله عن جلوس الناس في المسجد عشية عرفة بعد العصر واجتماعهم للدعاء فقال: ليس هذا من أمر الناس وإنما مفاتيح هذه الأشياء من البدع.
والذي أميل إليه أن من كان له عادة الجلوس والمكث في المسجد ثم جلس يوم عرفة كعادته يدعو ويذكر الله فهذا لا حرج فيه لما هو عليه في كل يوم. لكن تخصيص ذلك على أنه يوم عرفة ويرى المكث في المسجد فهذا من المحدثات فقد روى الإمام البيهقي رحمه الله عن شعبة قال: سألت الحكم وحماداً عن اجتماع الناس يوم عرفة في المسجد فقال: هو محدث