صبغ الشعر بالسواد

[الغرام المجهول]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً

ماحكم صبغ الشعر بالصغبة السوداء مع العلم انه يوجد شيب بالشعر ( شعر ابيض )

[الشيخ عيسى]

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ونسأل الله لنا ولكم الثبات والتوفيق
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مسألة صبغ الشعر بالسواد جرى الخلاف الفقهي فيها بين العلماء رحمهم الله وسأبين لك تفصيلاً مختصراً في هذه المسألة مع بيان الراجح فيها عند العلماء وكذا ما اميل إليه .
أولاً : ذهب الأئمة الأحناف رحمهم الله إلى القول بكراهة صبغ الشيب بالسواد .
قال ابن عابدين في حاشيته (ج5 ص 481) ما يلي نصه : ( قال عامة المشايخ أنه مكروه وبعضهم جوزه مروي عن أبي يوسف أما بالحمرة فهو سنة الرجال )
وفي قول آخر للأحناف وهو اختيار أبي يوسف ومحمد بن الحسن وعليه جماعة من أئمة التابعين إلى أن صبغ اللحية بالسواد جائز بلا كراهة .
واستدلال الأحناف قالوا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه النهي في التحريم والأصل في الأشياء الإباحة .
وقالوا إن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم )
قالوا في هذا الحديث يقتضي الأمر بالصبغ ولم يقيد صبغاً دون صبغ وقالوا إن أبا بكر صبغ بالحناء والكتم والحناء والكتم يعطيان لوناً من اللون الأسود .
ثانياً : وفي مذهب المالكية قالوا بالكراهة في رأي وبالجواز في رأي آخر .
قال ابن عبد البر في كتابه الاستذكار : وأما قول مالك في الصبغ بالسواد أن غيره من الصبغ أحبُّ إليه فهو كذلك لأنه قد كره الصبغ بالسواد أهل العلم .
واستدلوا بأنه لم يثبت التحريم قال يحي : سمعت مالكاً يقول في صبغ الشعر بالسواد لم أسمع في ذلك شيئاً معلوماً وغير ذلك من الصبغ أحبُّ إلي .
وعندهم أحاديث النهي في الباب لجملة ( وجنبوه السواد ) لا تصح .
ثالثاً : في مذهب الشافعية القول بأن الصبغ بالسواد حرام كما ذكر الإمام النووي رحمه الله إلى حرمة صبغ شعر الرأس واللحية بالسواد واستدلوا بحديث رواه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال أُتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( غيروا هذا بشيء وجنبوه السواد )
رابعاً : في مذهب الحنابلة من المشهور في قولهم الكراهة واستدلوا بما رآه المالكية وإن كان هناك قول لبعضهم بالتحريم لكن المشهور لدى الحنابلة الكراهة.
والراجح في هذه المسألة حسب علمي بعد بيان أقوال الفقهاء رحمهم الله القول بالكراهة لا بالتحريم والكراهة كراهة تنزيه لا تحريم إلا في حالة من أراد أن يدلس حال خطبة امرأة ليخدعها قصداً .
أما ما كان للتزيين فهذا ليس بحرام على القول الراجح فإن قول ( غيروه وجنبوه السواد ) فالكثير من الفقهاء والعلماء ينكرون هذه الزيادة ويعدونها مدرجة ولو ذكرها مسلم رحمه الله ولأن الأصل في الصبغ عند الحاجة إليه كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الصبغ بالحناء والكتم ولم يرد التحريم .
وممن صبغ بالسواد الحسن والحسين وسعد بن أبي وقاص فلو كان منهياً محرماً لما فعلوه وهم من الصحابة والتابعين .
وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( يكون في آخر الزمان يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يذوقون رائحة الجنة ) فهو حديث ضعيف عند الأئمة رحمهم الله مع أن الشيخ الألباني رحمه الله صححه .
ولقد صبغ بعض الصحابة رضي الله عنه فلو كان حراماً لم يفعلوه بتاتاً فقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن (ج6 ص104 ) ما نصه : ( الحسن والحسين وسعد بن أبي وقاص وعقبة بن عامر والمغيرة بن شعبة وجرير بن عبد الله وعثمان بن عفان وعمرو بن العاص كانوا يصبغون بالسواد )
وقال الإمام المعافري رحمه الله كما في المصنف (ج5 ص184 ) ( رأيت عقبة بن عامر يخضب بالسواد وقال ندسَّ أعلاها وتأبى أصولها )
وكان ابن جريج أيضاً يصبغ بالسواد وهو ممن نقل وروى حديث ( غيروا هذا بشيء ) وهو حديث أبي قحافة حيث أتى ورأسه كالثغامة رواه عن أبي الزبير ومع ذلك يصبغ بالسواد .
وأما من يقول بالتحريم لحديث ( إن الله يبغض الشيخ الغريب ) الذي خرجه ابن عدي رحمه الله أي الذي يصبغ بالسواد فهذا ضعفه الأئمة ومنهم الإمام أحمد .
عليه فإن إمالتي في هذه المسالة هو الكراهة لا للتحريم وإن الكراهة للتنزيه حيث لم يرد نص صريح بالتحريم .