العفاف تاج على الرأس
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعو به ( اللهم إني أسألك الهدى والعفاف والغنى ) رواه الإمام مسلم رحمه الله .
فالعفاف تاج على الرأس به بعد توفيق الله عز وجل ومشيئته يتعفف المسلم عن التفحش والفحش والهوى .
ولهذا قيل لأحد العلماء أن فلاناً يمشي على الماء فقال : ( إن من مكنه الله تعالى مخالفة هواه لهو أعظم من المشي على الماء )
ولهذا ينبغي للشباب بل لكل مسلم ومسلمة أن يقوم الواحد منهم بحجر نفسه عن الهوى بل ويحاول مدافعته عن نفسه .قال أبو بكر الضرير رحمه الله : ( دافعت الشهوات حتى صارت شهوتي المدافعة )
لذلك علينا أن نستشعر لذة العفة عن المحرمات فإن لذة العفاف لها لذة لا تساميها لذة .
ولنأخذ درساً من نبي الله يوسف عليه السلام .
حصل له ما يثير الفتنة ومن دواعيها الكثيرالكثير في آن واحد وفي مكان واحد وهو شاب في فتوته ولم يتزوج وفي قصر ملك ونادته للفحش زوجة ملك وهي على ما فيها من جمال وبهاء يبهر العيون وهي ذات منصب وجمال وجاءت إليه بعد أن غلقت الأبواب وقالت هيت لك أي تجهزت لك تطلب منه وتراوده ومع هذه الفتوة وهذه الدواعي التي لم تمر على أحد إلا أنه قال ( معاذ الله )
هذا يذكرنا ( ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله )
وبودي ان أذكركم بهذه القصة حتى نعرف أن هناك من ذللوا سبل المعالي وارتقوا بهمهم إلى العليا بعفافهم وعفتهم .
هذا الربيع بن خثيم رحمه الله ذا زهد وإعتدال وفتوة قال الإمام ابن قدامة المقدسي رحمه في كتابه التوابين : ( أن قوماً طلبوا من امرأة ذات جمال أن تتعرض للربيع بن خثيم لإيقاع الفتنة به معها وجعلوا لها جعلاً مقابل ذلك فوافقتهم على ذلك فقامت فلبست أحسن ثيابها وتجملت وتحسنت فجاءت مقبلة عليه وهي سافرة بعد خروجه من المسجد ونظرت إليه . فقال لها : كيف بك لو نزلت الحمى بجسمك فغيرت ما ارى من لونك وبهجتك ؟ أم كيف بك لو قد نزل بك ملك الموت فقطع منك حبل الوتين ؟ أم كيف بك لو سألك منكر ونكير ؟ فصرخت صرخة فسقطت مغشياً عليها فلما أفاقت بلغت من عبادة ربها ما بلغت )
وهذا عبد الله المسكي . لماذا سمي بالمسكي ؟ لأنه بعد موته شم الناس منه رائحة المسك .
هذا الشاب كان يبيع القماش فجاءته امرأة فتعشقته ومال قلبها إليه وساعة مر في الطريق فتحت باب دارها ونادت إليه فخدعته حتى دخل البيت ثم أغلقت الباب دونه وراودته عن نفسه وهددت إن لم يفعل سأصرخ وأنادي أن فلاناً هجم علي في بيتي والناس قد يصدقون .
ففكر قليلاً وقال لا مانع من النوم معك ولكن أليس عندك مكاناً للوضوء لأغتسل وأتزين ؟ فأشارت إليه لمكان الحش
( مكان قضاء الحاجة ) فذهب إلى الحش تظن أنه وافقها .
فلما دخل مكان الحش أراد أن يهرب فما إستطاع لأن الجدار مرتفع فجاءته فكرة وأدخل يديه في مكان قضاء الحاجة ولطخ بدنه وشعره وأتى إليها فلما نظرت إليه استوحشت رائحته وشكله وأمرته أن يخرج من بيتها ففتحت له الباب وخرج وحاول في الطريق أن لا يراه أحد حتى دخل بيته فحمد الله وأثنى عليه وعاش حميداً عفيفاً فلما مات بعد سنين قال الرواة شممنا من قبره رائحة المسك وأطلقوا عليه عبد الله المسكي .
هكذا وجود العفاف يربي الضمير ويرتقي بالنفس ويسموا بها ويعمل على تربيتها تربية إيمانية .
فلنحاول تربيتة أنفسنا على العفة لنزداد خلقاً وإيماناً ومن ثم الدعاء والتضرع وحسن العمل
قال الله تعالى ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله مع المحسنين )